بصفتي لاعبًا سابقًا في كرة القدم الإماراتية، أشعر بالفخر بما حققناه عبر السنين من إنجازات وبطولات رفعت اسم الإمارات عاليًا. جيلًا بعد جيل، كانت كرة القدم الإماراتية تعبيرًا صادقًا عن ولاء أبناء الوطن وطموحهم.
لكنني – بكل صراحة – أشعر بقلق حيال المستقبل، خاصة بعد تطبيق مشروع تجنيس اللاعبين الأجانب. قد يبدو القرار خطوةً لتعزيز قوة المنتخب الوطني، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بجدية: هل نسير فعلًا في الاتجاه الصحيح؟
لطالما كانت كرة القدم الإماراتية منصةً لصناعة المواهب المحلية، وبيئةً خصبةً لظهور نجوم حقيقيين يمثلون الدولة في المحافل المختلفة. كان اللاعب الإماراتي يُصقل بالصبر، ويخوض منافسات شديدة لينال شرف تمثيل المنتخب، مما جعله أكثر التزامًا وارتباطًا بالقميص الوطني.
أما اليوم، مع فتح باب التجنيس، أخشى أن تضيق فرص اللاعبين المواطنين، ويتحول الدوري المحلي إلى ساحةٍ يسيطر عليها الأجانب، كبارًا وصغارًا، مما قد يُضعف تطوير اللاعب المحلي، بل ويؤدي إلى إهماله في الأندية.
التجارب العالمية أثبتت أن المنتخبات القوية تُبنى على قاعدةٍ صلبةٍ من اللاعبين المحليين، عبر برامج تطوير طويلة الأمد، وليس بحلول سريعة أو استعجال النتائج. خذ مثالًا اليابان وكوريا الجنوبية؛ فقد استثمرتا سنواتٍ في تطوير أجيالٍ متعاقبةٍ من اللاعبين من خلال الأكاديميات، حتى وصلت منتخباتهما إلى مصاف العالمية، مع اقتصار التجنيس على أضيق الحدود.
الإمارات تمتلك المواهب، لكن هذه المواهب تحتاج إلى الثقة والرؤية الواضحة، وإلى استثمارٍ جادٍ في الشباب. لا يُنكر أن التجنيس قد يُعزز أداء المنتخب على المدى القصير، لكنه في المقابل قد يجعلنا نعتمد على حلول مؤقتة، بدلًا من بناء مشروع كروي مستدام.
كرة القدم الإماراتية بحاجة إلى توازنٍ دقيقٍ بين تعزيز المنافسة وصقل المواهب المحلية، كي لا نفقد هويتنا الكروية في خضم هذه التحولات.
والسؤال الأهم: هل نحن مستعدون لتحمُّل تبعات هذا القرار؟