مقال اجتماعي

خلهم ياكلون مثل ما ناكل

استمع الى المقال
03:12

بهذه الكلمات خاطب بها المحسن والتاجر راشد بن ديماس شريكه المهندس والمستثمر العربي المقيم في الإمارات طيلة سيني عمره، عبارة اختزل فيها خبره كافة رجال الاعمال على وجه الكرة الارضيه، قالها وهو في قمة ازدهار اعمله في الصناعات الأسمنتية في آواخر تسعينات القرن الماضي، عندما قال له : ستتزايد أرباحنا لوسمحت لي بافتتاح ورشة لصيانة أسطول شاحناتنا، بدلا من صيانتها لدى العديد من المتعهدين المتخصصين في السوق المحلي.

 

الاقتصاد التشاركي في أحدث مسمياته العصرية، وهو التعاوني أو التكافلي كما درجت الإصدارات العلميه على طرحها، هو النموذج الاقتصادي الأكثر استدامه واستقرارا عبر التاريخ، ولعله الانجح في تحقيق الرفاهية وتوازن فئات المجتمع والابسط تماما ، عمليا ونظريا فلا تتشكل الطبقات بل يحدث التكامل الاجتماعي المدعوم بإقتصاد عنوانه الاستقرار لان الكل يعمل ويجتهد لمصلحة الكل، فلا يمكن ان تتوقف ما يطلق عليه اصطلاحا (سلاسل التوريد والاستهلاك) لا يمكن أبدا لأننا ببساطه نعتمد على بعض وندعم بعضنا البعض.

وهو على النقيض تماما من كافة نظريات الاقتصادات الرأسمالية التي تنجح في فوره سريعه وتنتهي بعد سنوات من التضخم والتباطؤ الاقتصادي وتزايد الرسوم وتضاربها وتشكل الطبقية المؤلمة التي تدفع الى توجيه الإبداع والعقول الى ابتكار فنون التحايل والتهرب الضريبي والتسابق المقلوب للاقتناء والتنافس على الشكليات والتي تنتهي دائما وكل مرة بأزمات ماليه من نوع مختلف.

الاقتصاد المستقر هو اقتصاد تقليدي بسيط، يخلو من الطماعين والأنانيين، فهو يصحح نفسه بنفسه، التجار والمتعاملين والمصنعين والموردين والمشترين يتداولون بالثقه ، ويتم البيع والشراء بكلمه مهنية تتم بالمصافحة ، لا مجال للتشاطر ولا مكان للمتذاكي فهذة السلاسل لديها أجراءات تصحيحية سلسة وتلقائيه تنتهي بفقد من ادعى الشطاره لسمعته.

اخبرني والدي اطال الله عمره عندما عمل في إمارة ابوظبي الغراء بمدينة العين في آواخر الستينات من القرن العشرين ، حرص الوالد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه ، وجعل الله مقامه في الفردوس الأعلى ، حرصه على حرية التجارة ، ومنع الاحتكارات وتزامن والدي مع فترة شهدت انقطاع احدى السلع الأساسية عن الدوله حيث قام احد التجار بإخفاء كميات كبيرة من السكر في مخازنه انتظارا لارتفاع الأسعار ومن ثم طرحه للبيع بآضعاف سعره الطبيعي ، حيث أمر المؤسس وزاره الداخلية بإقفال مخازن التاجر المحتكر وعدم طرح السكر للسوق وعدم السماح لأي من كان لاحتكار للسلعه ، حتى تصل بواخر السكر لموانئ ابوظبي وتوزع على كافة الموردين ثم سمح له ببيع سكره بسعر السوق بدون مغالاه او استغلال النقص ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة.

 

نجاح التاجر يعتمد على نجاح المورد والذي بدوره يتعامل مع عدد من المتعهدين ومقدمي الخدمات الذين ينتظرونه بدورهم حتى يعملون مهندسون ومتخصصون في كافه المجلات والمهن بدءا من المخطط ومرورا على المحاسب ومسؤل المخازن وشركة النقليات وعمال المناولة ومرافق ونقاط الاستقبال او التوزيع ووصولا للمستهلك والذي هو كلنا التاجر او الصانع او المشتري كلنا مشترون نأمل ان نحصل على السلعه المختاره بسعرها الحقيقي ، استدامة الرفاهيه مضمونه.

بصمة منطق

في انتظار التحقق
معرف المقال: 1070
البصمة الرقمية:
e2c061d0bd0bc444bd6306bfb3fb8ad7b7f423b147d9ef07f4dd0c0400ddbd0a
محمد أحمد بن دخين
كاتب وناشر من دولة الإمارات يكتب في مجال اتجاهات الرأي العام.

في منطق… نكتب، نوقّع، ونُثبت. لأن كل مقال يستحق "بصمة"

في عالم امتلأ بالمحتوى المتشابه والمجهول المصدر، تطلق منصة منطق مشروع “مقالات منطق”، كمساحة رقمية تتيح للكتّاب والباحثين والمفكرين نشر مقالاتهم بثقة وشفافية، مدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، لكن بتوقيع بشري موثوق.